عصابة مسلحة تعتدي على موقع أثري في إب
تعرّض أحد المواقع الأثرية في محافظة إب، وسط اليمن، لاعتداء مسلح جديد، في أحدث حلقات الانتهاكات التي تستهدف الموروث الثقافي والتاريخي للبلاد، في ظل فوضى أمنية وتواطؤ ضمني من سلطات الأمر الواقع التابعة لميليشيا الحوثي الإرهابية.
وذكرت مصادر محلية أن عصابة مسلحة نفذت، في ساعة متأخرة من مساء أمس، عملية حفر واسعة في موقع العصيبية الأثري بجبل عصام، الواقع في مديرية السدة شرقي المحافظة، في محاولة يائسة للتنقيب عن كنوز وقطع أثرية يُعتقد أنها مدفونة في الموقع التاريخي.
وبحسب المصادر، فقد أثار صوت الحفريات وانتشار المسلحين قلق سكان المنطقة، الذين سارعوا للتصدي للمعتدين، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات محدودة بالأسلحة الخفيفة، قبل أن تنسحب العصابة إلى جهة مجهولة، وسط غياب تام لأي استجابة من سلطات الحوثيين في المديرية.
وتأتي هذه الحادثة في سياق سلسلة من الانتهاكات التي طالت مواقع أثرية في محافظة إب خلال السنوات الأخيرة، حيث تحوّلت المحافظة إلى واحدة من أكثر المناطق تضررًا من عمليات النهب الممنهج للآثار تحت سلطة الحوثيين، التي يُتهم عناصر منها بالتورط المباشر في شبكات تهريب وبيع قطع أثرية داخلية وخارجية.
وبحسب نشطاء محليين، فإن عصابات تهريب الآثار باتت تتحرك بحرية في المحافظة، وتحظى بحماية غير مباشرة من قيادات حوثية، مما يُسهل أعمال النهب والحفر والتنقيب في مواقع أثرية يعود بعضها إلى ما قبل الإسلام.
تقرير أممي يؤكد تورط الحوثيين
وكان فريق خبراء لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي قد كشف، في تقريره الأخير، عن تورط جماعة الحوثي في شبكات "تهريب منظم" تشمل بيع الآثار والقطع التاريخية النادرة إلى دول ومزادات عالمية، في إطار مصادر تمويل غير قانونية تستخدمها الجماعة إلى جانب أنشطة أخرى كغسل الأموال وتهريب الأسلحة.
وأشار التقرير إلى أن بعض القطع اليمنية المسروقة تم عرضها في مزادات خارجية، وسط تحركات غير كافية من السلطات المعنية لاستردادها، لاسيما في ظل سيطرة الحوثيين على مؤسسات الثقافة والآثار واستغلالها لأغراض سياسية واقتصادية.
وأثارت الحادثة غضبًا واسعًا في أوساط المهتمين بالتاريخ اليمني والناشطين الحقوقيين، الذين دعوا إلى تحرك محلي ودولي لحماية التراث الثقافي لليمن، وإدراج المواقع الأثرية المهددة في إب ومناطق سيطرة الحوثيين ضمن قوائم الحماية الدولية، وملاحقة المتورطين في عمليات الاتجار غير المشروع بالآثار.
ويحذّر خبراء من أن استمرار هذا العبث بالموروث التاريخي يشكل تهديدًا حقيقيًا لذاكرة اليمن وهويته الحضارية، مؤكدين أن صمت الجهات الرسمية والمنظمات الدولية المختصة سيشجع على المزيد من النهب والتدمير لمواقع لا تُقدّر بثمن.